18 - 05 - 2025

مؤشرات | ناصر ولغة الرئيس مع شعبه.. دروس

مؤشرات | ناصر ولغة الرئيس مع شعبه.. دروس

قبل أيام مرت الذكري 105 على ميلاد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، في وقت تشهد فيه مصر الاستعدادات لانتخابات رئاسية جديدة للسنوات من 2024  وحتى 2030، وهي مرحلة مفصلية في مصر، لأنها تتزامن مع سنوات إقتصادية صعبة، تلت سنوات أصعب، واكبت أزمتي "كورونا" و"الحرب الروسية الأوكرانية"، وأزمات إقتصادية محلية ودولية تركت ظلالًا على مصر والعالم.

مؤكد هناك قضايا أخرى تمثل كلها تحديات أمام الشعب المصري ومن سيقود البلاد، في السنوات الست المقبلة، على رأسها الموقف السياسي والدبلوماسي من أزمة سد النهضة الإثيوبي، في ظل مفاوضات غير مجدية حتى الآن مع أديس أبابا، وما يتعلق بالأزمة الراهنة في السودان وانعكاساتها على مصر، وما يجري في ليبيا، بمعني أن مصر من الجنوب والغرب محاطة بحالات توتر صعبة، بخلاف العجرفة الإسرائيلية في ملف العرب الأول المتمثل في القضية الفلسطينية.

ومن القضايا التي تواجه شعب مصر في السنوات المقبلة، كيفية التعامل مع نتائج "الحوار الوطني" على المستوى السياسي والإجتماعي، والحقوقي، ومحاور الحوار الأخرى إقتصاديا، وثقافيا، وغير ذلك، وإعادة إحياء ملف المحليات، وما يدور حول إقامة مصالحة مجتمعية، وكيف سيتم التعامل فيها مع أطراف ما يُسمى بالإسلام السياسي، وموقع "الإخوان" منها؟

ويبقى كما قلت سلفًا أن القضايا الإقتصادية تظل هي القلب في ملفات السنوات المقبلة، في ظل غلاء أكل الأخضر واليابس، ما هي الأولويات الأهم والأكثر أهمية، في وقت تشهد فيه السنوات المقبلة مراحل رئيسية لسداد أقساط الديون وفوائدها والتي أثقلت ظهور المصريين كبارًا وصغارًا وأطفالًا وأجنة.

وهنا تبقى علاقة الشعب بهذا وتوافقه مع من سيقود البلاد وتقبل ما تفرضه سنوات الأزمات الجديدة، ولغة الخطاب التي يجب أن تسود وتتسم بها لغة الساسة والسياسة ومن يقود.

الانحياز للشعب وهمومه وقضاياه، في كل كلمة، خصوصًا هذه الفئات التي تحملت الأعباء ومازالت تتحمل الثمن في كل الأزمات، هي مفتاح الإقناع من أي مرشح، ولهذا نتذكر هذه الأيام الزعيم جمال عبد الناصر في ذكراه الـ105، والذي وضع الشعب في القلب من كل خطوة، حتى عندما خرج مهزوما في نكسة 6 يونيو 1967، فبدلًا من قبول الشعب التنحي خرجت الحشود في مصر والوطن العربي تطالبه بالعودة، وترفض قراره بإسناد رئاسة الدولة لزكريا محي الدين.

لغة وأفعال جمال عبد الناصر، بغض النظر عن اختلاف البعض معها إلا أنها كانت هي مفتاح راحة الشعب النفسية والتأييد الجارف، ووقوف الإعلام في صفه، وقد تحدث للناس بلغة الناس، وانحاز إليهم.

ولندقق في كلمات ناصر التاريخية وهو يخاطب شعبه .."إن الإرادة الشعبية هى التى تملك أن تصنع قيادتها، وأن تحدد لها مكانها".. وأليس هو القائل "إن الشعب يجب دائماً أن يبقى سيد كل فرد وقائده".

ولم يهمش ناسه أو يتطاول على  أحد يوما فالزعيم ناصر هو صاحب مقولة "إن الشعب أبقى وأخلد من كل قائد مهما بلغ إسهامه فى نضال أمته".. ويزيد ويقول "أقول هذا وأنا أدرك وأقدر أن هذا الشعب العظيم أعطانى من تأييده وتقديره ما لم أكن أتصوره يوماً أو أحلم به".

وخطب ناصر الناس بحب وتقدير وفِعل ..قائلا " لقد قدمت له عمرى ولكنه أعطانى (يقصد الشعب) ما هو أكثر من عمر أى إنسان"، وأليس هو القائل بعد النكسة "والله الشعب لو شنقني في ميدان التحرير لِيهم حق".

ونرى لغة الخطاب في أكبر أزمة واجهته وواجهت مصر والعالم العربي، مطالبًا الشعب بمساعدته على قرار التنحي بقوله "لقد اتخذت قراراً أريدكم جميعاً أن تساعدوني عليه: لقد قررت أن أتنحى تماماً ونهائياً عن أي منصب رسمي وأي دور سياسي، وأن أعود إلى صفوف الجماهير، أؤدي واجبي معها كأي مواطن آخر".

وبعكس توقعاته ومن حوله، كانت ردود الفعل رافضة لأي تنحي ولأي قرار بأن يتولي غيره هذه المهمة في أصعب ظروفها، .. 

واستجاب عبد الناصر في اليوم التالي للإرادة والرغبة الشعبية، بلغة وخطاب يخاطب قلوب الشعب قائلا ""لقد كنت أتمنى لو ساعدتنى الأمة على تنفيذ القرار الذى اتخذته بأن أتنحى" .. .. : ثم قال "إن أحداً لا يستطيع ولا يقدر أن يتصور مشاعرى فى هذه الظروف إزاء الموقف المذهل الذى اتخذته جماهير شعبنا وشعوب الأمة العربية العظيمة" .. 

ولنتمعن في هذه الكلمات "في نفس الوقت فإن صوت جماهير شعبنا بالنسبة لي أمر لا يرد"، .. "إن الشعب وحده هو القائد وهو المعلم وهو الخالد إلى الأبد" ... "أيها الأخوة المواطنون فى كل مكان - أيديكم معى، ولنبدأ مهمتنا العاجلة، وليمنحنا الله جميعاً تأييده وهداه".

ولاشك أن إختيار الكلمات ولغة الإنحياز مفتاح قلوب هذا الشعب الذي لديه عاطفة لا يقدرها من يتولون أموره.. ولنتعلم الدروس جيدا.
--------------------------------
بقلم: محمود الحضري
من المشهد الأسبوعية


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | جولة ترامب والتريليونات والتطبيع .. والباقي وعود